فصل: المسألة الثانية: حدُّه، وحكمته، وتسميته:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة



3- العمة من الرضاع. وهي التي رضعت مع أبيك.
4- الخالة من الرضاع. وهي التي رضعت مع أمك.
5- البنت من الرضاع. وهي التي رضعت من زوجتك، فيكون الرجل أباً لها من الرضاع.
ودليل تحريم هؤلاء النساء من السنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة». وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بنت حمزة رضي الله عنهما: «إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة مما يحرم من الرحم».
القسم الثاني: المحرمات تأقيتاً:
يحرم تأقيتاً عدة نساء يمكن تقسيمهن إلى نوعين:
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض.
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع:
1- الجمع بين الأختين، سواء كانتا من النسب أو من الرضاع، وسواء عقد عليهما معاً أو متفرقاً. لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23].
2- الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أختها، أو بنت أخيها، أو بنت ابنها، أو بنت ابنتها.
والقاعدة هنا: أن الجمع يحرم بين كل امرأتين لو فرضت إحداهما ذكراً لما جاز له أن يتزوج الأخرى. ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها».
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى». كما أجمع العلماء على هذا التحريم.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض:
1- يحرم تزوج المعتدة من الغير؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه} [البقرة: 235].
2- يحرم تزوج من طلقها ثلاثاً حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
3- يحرم تزوج المحرمة حتى تحل من إحرامها؛ لحديث عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يَنْكِحُ المحرم، ولا يُنْكَحُ، ولا يخطب».
4- يحرم تزوج الكافر بالمرأة المسلمة؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221].
5- ويحرم على الرجل المسلم أن يتزوج الكافرة إلا الكتابية، فيجوز له أن يتزوج بها، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]. يعني: فهن حل لكم.
6- يحرم على الحر المسلم أن يتزوج الأمة المسلمة، إلا إذا خاف على نفسه الزنى، ولم يقدر على مهر الحرة، أو ثمن الأمة، فيجوز حينئذ تزوج الأمة المسلمة؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25].
7- يحرم على العبد المسلم أن يتزوج سيدته؛ لأن العلماء أجمعوا على ذلك، وللمنافاة بين كونها سيدته وكونه زوجاً لها.
8- يحرم على السيد أن يتزوج مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح.

.المسألة الثامنة: حكم نكاح الكتابية:

لقد أباح الإسلام نكاح الحرائر من أهل الكتاب؛ لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5].
وقد أجمع العلماء على جواز نكاح نساء أهل الكتاب.
ويقصد بأهل الكتاب الذين يجوز نكاح نسائهم: أهل التوراة والإنجيل؛ لقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156].

.الباب الثاني: في الصداق وحقوق الزواج وواجباته، ووليمة العرس:

وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: تعريف الصداق، ومشروعيته، وحكمه:

أ- تعريف الصداق:
لغة: مأخوذ من الصدق خلاف الكذب.
وشرعاً: هو المال الذي وجب على الزوج دفعه لزوجته؛ بسبب عقد النكاح.
وسمي الصداق صداقاً لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، ويسمى أيضاً: المهر، والنِّحْلة، والعُقْر.
ب- مشروعيته:
الأصل في مشروعية الصداق الكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي بيانه في الكلام على حكم الصداق.
ج- حكم الصداق:
يجب على الزوج دفع المال بمجرد تمام العقد، ولا يجوز إسقاطه. ودل على هذا قوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]. وقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236].
وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني وهبت نفسي لله ولرسوله، فقال: «مالي في النساء من حاجة»، فقال رجل: زوجنيها، قال: «أعطها ثوباً... الحديث»، وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر زعفران، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ؟»،- يعني: ما شأنك وما أمرك؟- فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، فقال: «ما أصدقتها؟» قال: وزن نواة من ذهب، فقال: «بارك الله لك، أولم ولو بشاة». وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح.

.المسألة الثانية: حدُّه، وحكمته، وتسميته:

أ- حد الصداق:
لا حد لأقل الصداق ولا أكثره، فكل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة صح أن يكون صداقاً؛ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24]، فأطلق المال، ولم يقدره بحد معين. ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وفيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في المرأة الواهبة نفسها: «أعطها، ولو خاتماً من حديد». فدل هذا على جواز أقل ما يطلق عليه مال.
وأما الدليل على أنه يجوز ولو كان كثيراً، فقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، والقنطار المال الكثير.
ب- الحكمة من مشروعية الصداق:
الحكمة من تشريع الصداق: هي إظهار صدق رغبة الزوج في معاشرة زوجته معاشرة شريفة، وبناء حياة زوجية كريمة. كما أن فيه إعزازاً للمرأة، وإكراماً لها، وتمكيناً لها من أن تتهيأ للزواج بما تحتاج إليه من لباس ونفقات.
ج- الحكمة في جعل الصداق بيد الرجل:
جعل الإسلام الصداق على الزوج؛ رغبة منه في صيانة المرأة من أن تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال الذي تقدمه مهراً للرجل، وهذا يتفق مع المبدأ التشريعي: في أن الرجل هو المكلف بواجبات النفقة، دون المرأة.
د- ملكية الصداق:
الصداق ملك للزوجة وحدها، ولا حق لأحد فيه من أوليائها، وإن كان لهم حق قبضه، إلا أنهم يقبضونه لحسابها وملكها؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20].
هـ- تسمية الصداق في العقد:
يسن تسمية الصداق في عقد الزواج وتحديده؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يخل نكاحاً من تسمية المهر فيه، ولأن في تسميته دفعاً للخصومة والنزاع بين الزوجين.
و- شروط المهر وما يكون مهراً ومالا يكون:
1- أن يكون مالاً متقوَّماً، مباحاً، مما يجوز تملكه وبيعه والانتفاع به، فلا يجوز بخمر وخنزير ومال مغصوب يعلمانه.
2- أن يكون سالماً من الغرر، بأن يكون معلوماً معيناً، فلا يصح بالمجهول كدار غير معينة، أو دابة مطلقة، أو ما يثمر شجره مطلقاً، أو هذا العام ونحو ذلك.
وعلى هذا، يصح المهر بكل ما يصلح أن يكون ثمناً، أو أجرة، من عين أو دين أو منفعة معلومة.
ز- تعجيل المهر وتأجيله:
يجوز تعجيل المهر وتأجيله، كله أو بعضه، حسب عرف الناس وعاداتهم، بشرط ألا يكون الأجل مجهولاً جهالة فاحشة، وألا تكون المدة بعيدة جداً؛ لأن ذلك مظنة سقوط الصداق.

.المسألة الثالثة: حكم المغالاة في الصداق:

يستحب عدم المغالاة في المهر لما يلي:
1- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «من يُمْنِ المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها». واليُمْن: البركة.
2- عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ألا لا تغالوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه، وحتى يقول كَلِفْتُ فيك عَلَقَ القِرْبة).
3- وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صداق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونَشّاً. قالت: أتدري ما النشُّ؟ قلت: لا أدري. قالت: نصف أوقية.